التوضيحات الجلية في الرقية الشرعية

مشروعية التداوي

صحت الأحاديث عن النبي التي تفيد مشروعية التداوي ومن هذه الأحاديث:
1- أن أعرابياً جاء إلى رسول الله فقال: يا رسول الله انتداوى؟ فقال رسول الله  : «نعم إن الله لم ينزل داء إلا أنزل معه دواء علمه من علمه وجهله من جهله» رواه البخاري .
2- روى الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح عن أبي خُزاعة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: أرأيت رقىً نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ فقال رسول الله  : «هي من قدر الله» .
3- ذكر العلامة الألباني في كتابه الطب عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: شهدت الأعراب يسألون رسول الله أعلينا حرج في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ فقال لهم رسول الله  : «عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك حرج» فقالوا: يا رسول الله هل علينا جُناح على أن لا نتداوى؟ فقال رسول الله : «تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داءً إلا وضع معه شفاء إلا الهرم» قالوا: يا رسول الله ما خير ما أُعطي العبد فقال رسول الله  : «الخُلق الحسن».



شروط الرقية الشرعية


شروط الرقية الشرعية مرتبطة فيما بينها ويجب توفرها في الرقية الشرعية وإن تخلّف شرطٌ لم تسمَ رقية شرعية والشروط هي:
1-أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو كلام رسوله  .
2-أن تكون بلسان عربي أو بما يُعرف معناه من غيره( ).
3-أن يعتقد بأن الرقية لا تؤثر بذاتها بل هي بقدرة الله تعالى وإنما الرقية هي سببٌ من الأسباب.



الأسباب الشرعية

الدواء سبب للشفاء والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما جعله الله سبباً والأسباب التي جعلها الله تعالى أسباباً نوعان:
النوع الأول: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء وذلك لقوله  لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه عندما رقى سيِّد القوم بسورة الفاتحة «وما يدريك أنها رقية» .
النوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية .
قاعدة: كل ما اتخذ سبباً لم يدل عليه الشرع ولا القدر (التجربة) فيكون شركاً أصغر وإن اعتقد بذاته كان شركاً أكبر.
فائدة: الأفضل أن يُجمع بين الأصل الدوائي «الرقية الشرعية» والسبب الدوائي «الأدوية المادية الطبية» وهذا هو منهج رسول الله  في العلاج حيث قال  : «عليكم بالشفائين القرآن والعسل» رواه ابن ماجة بإسناد صحيح( ) .
قال السيوطي رحمه الله: (جُمع في هذا القول بين الطب البشري والطب الإلهي).





صفات الراقي الشرعي
من يقوم بالرقية الشرعية يجب أن يتصف بصفات خاصة وذلك حتى لا يقع في الشرك والخرافات والبدع فمن هذه الصفات:
1- أن يكون المعتقد اعتقاد السلف الصالح .
2- أن يكون محققاً التوحيد الخالص في القول والعمل .
3- أن يكون معتقداً بأن كلام الله له تأثير على الجن والشياطين .
4- أن يكون عالماً بأحوال الجن والشياطين.
5- أن يكون عالماً بمداخل الشياطين .
6- أن يكون مبتعداً عن المحرمات والمنكرات وقريباً من الواجبات والطاعات .
7- أن يكون ملازماً لذكر الله تعالى الذي هو الحصن الحصين .
8- أن يخلص النية في المعالجة فلا يشترط أجراً معيناً قبل العلاج مثلاً مع جوازه.
9- أن يكون محافظاً على صلاة الجماعة في المساجد .
10- أن يكون ملتزماً بالكتاب والسُّنة عند العلاج .
11- أن يكتم الأسرار وأعراض المُرقى عليهم .
12- أن يكون عنده معرفة بأمراض النفس والفروق بين العين والسِّحر والمس .
تحقيق التوكل على الله عز وجل
إن من أجلّ الأدوية وأعظمها وأنفعها التوكل على الله عز وجل فإن قوة توكل العبد على ربه جل وعلا لها فوائد عظيمة منها:
ما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنتُ خلف النبي  يوماً فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك فإذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» .
فهذه الوصايا العظيمة مفيدة في قضية التوكل على الله عز وجل وقد ذكر أهل العلم بيان التوكل بقولهم: (صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة وفعل الأسباب المأذون بها شرعاً).


الدعاء سلاح المؤمنين
قال تبارك وتعالى [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] {غافر:60} وقال تبارك وتعالى [أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ] {النمل:62} وقال تبارك وتعالى [وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ] {البقرة:186} وقال رسول الله  «ينزل ربنا في ثلث الليل الأخير إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له هل من تائب فأتوب إليه وذلك في كل ليلة» رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
أخرج أبو نعيم الأصفهاني رحمه الله في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال: [ ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال سترها إلا نادى الجليل جل جلاله من أعظم مني جوداً والخلائق لي عاصون وأنا لهم مراقب اكلؤهم في مضجعهم كأنهم لم يعصوني وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا فيما بيني وبينهم أجود بالفضل على العاصي وأتفصل على المسيء من ذا الذي دعاني وما أجتبه؟ من ذا الذي سألني وما أعطيته؟ من ذا الذي أناخ ببابي فنحيته؟ أنا الفضل ومني الفضل أنا الجود ومني الجود أنا الكريم ومني الكرم ومن كرمي أن أغفر للعاصين بعد المعاصي ومن كرمي أن أعطي العبد ما سألني ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني فأين عني يهرب الخلائق؟ وأين عن بابي يتنحى العاصون] انتهى كلامه رحمه الله .
فعلى كل مبتلى ومضطر وصاحب حاجة أن يلجأ إلى الله تعالى بقلبه ويصدق بالدعاء فمن دعاه أجابه ومن اتقاه وقاه ومن توكل عليه كفاه.
سُبل الوقاية من العين والسِّحر والمس
هناك سُبل وطرق يجب المحافظة عليها من أجل الوقاية من العين والسِّحر والمس وهي:
1- سلامة العقيدة من التلبس بالشرك .
2- قوة التوكل على الله عز وجل واليقين بأنه وحده هو النافع الضار .
3- تجريد الخوف من الله وحده وترك الخوف من غيره .
4- تجنب الاسترسال مع الأوهام والخيالات .
5- الحرص على الاستعاذة بالله عز وجل .
6- صفاء القلب وسلامة النية والبعد عن الغل للمسلمين .
7- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع جماعة المسلمين والمحافظة على قيام الليل.
8- كثرة ذكر الله عز وجل والتحرز بالأوراد في الصباح والمساء .
9- تعويذ الأولاد .
10- التوبة والاستغفار فيما يصيب العبد من بلاء.
11- الطهارة فإن الشياطين تنفر منها ومن أهلها.
12- تطهير المنزل من الصور والتماثيل والكلاب وآلات اللهو.
13- الدعاء فإنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل.
14- كثرة قراءة القرآن وخصوصاً سورة البقرة .
15- أكل سبع تمرات من تمر عجوة المدينة.
16- احفظ الله يحفظك «احفظ الله بأداء الأوامر واجتناب النواهي».
17- الرقية الشرعية .
الحسد والعين
تعريف الحسد:
قال ابن القيم رحمه الله: «هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها».
مراتب الحسد:
1- تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد .
2- تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها .
3- تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما وإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه .
4- حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه .
تطلق كلمة العين في اللغة على عدة معاني منها:
1- حرف الهجاء «ع» .
2- العين الباصرة .
3- العين الجاسوس .
4- العين التي تطلق على من أُصيب بها .
5- العين التي فيها الماء .

تعريف العين:
قال ابن القيم رحمه الله: «هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة».
قال ابن خلدون رحمه الله: «هي نظر باستحباب مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر».
أقسام الإصابة بالعين:
1- العين المعجبة: إن النفس إذا ما أُفرطت في الإعجاب بنعمة من النعم أثَّرت فيها بإذن الله تعالى ما لم يبِّرك صاحبها وقد قال رسول الله  : «إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدعُ له بالبركة» رواه ابن ماجة .
2- العين الحاسدة: تخرج العين من النفس الحاسدة الخبثية وخبث صاحبها وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود وقد قال تعالى: [وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ] {البقرة:109}.
3- العين القاتلة: تخرج العين من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر وقد قال تعالى: [وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ] {القلم:51} قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى على فراشه يقول طبيبه لا أعلم داءه ما هو، فصدق ليس لهذا الداء من علم الطبائع هذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا علمٌ لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون).
مصدر العين:
العين إما أن تكون إنسية أو جنيَّة والعين الجنيَّة أشد من العين الإنسية ففي سنن النسائي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله  يتعوذ من عين الجآن وعين الإنس فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك .
علاقة العين بالحسد:
قال ابن القيم رحمه الله: (العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد إذاءه فالعائن: تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته والحاسد: يحصل له ذلك في غيبة المحسود وحضوره أيضاً ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه).
أسباب الإصابة بالعين والحسد( ):
1- البُعد عن الله عز وجل .
2- عدم الاهتمام بالطاعات .
3- عدم الاهتمام بأذكار الصباح والمساء .
4- عدم ستر المحاسن عند من يخشى منهم الإصابة بالعين والحسد .


شيطان العين:
جاء في الحديث عند أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  : «العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم» ومن الملاحظ والمعلوم من التجربة أن العين المعجبة قليلاً ما تكون مصحوبة بالمس «شيطان» وأما العين الحاسدة والعين القاتلة كثيراً ما تكون مصحوبة بالمس «شيطان» والله أعلم .
أمثلة على الأمراض بسبب العين:
السرطان والجلطة والربو والشلل والعقم والسكر والضغط وعدم انتظام الدورة الشهرية للنساء علماً بأن ربما تكون هذه عضوية أصلاً بسبب العين .
أعراض العين والحسد قبل الرقية الشرعية:
1- أمراض عضوية لا تستجيب للعلاج الطبي .
2- آلام في المفاصل والأرق والحبوب والتقرحات التي تطهر على الجلد .
3- النفور من البيت والمجتمع والدراسة .
4- شحوب البشرة وخاصة الوجه .
5- ضيق التنفس أحياناً .
6- التنهد والنسيان والثقل في مؤخرة الرأس .
7- الثقل في الأطراف .
8- الحرارة في البطن والبرودة في الأطراف .
9- كثرة التبول .
10- التوتر والعصبية الزائدة مع الغضب .
11- عدم الرغبة في الأكل .
12- العزلة أحياناً .
13- التثاؤب المستمر .
14- التجشؤ .
15- نحافة البدن .
16- الشعور أحياناً بالصداع والدوار ويستمر حتى مع أخذ المسكن
17- تذكر الموت دائماً( ).
18- عدم الاستمرار في أي عمل من الأعمال .
19- أن يكون من طبعه العناد .
20- عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي .
أعراض العين والحسد أثناء الرقية الشرعية:
1- كثرة التثاؤب المصحوب بالدموع .
2- التثاؤب والنعاس والرغبة في النوم .
3- الشعور بالتمدد كالذي يفعله الإنسان عندما يستيقظ من النوم.
4- حصول إغمائه قليلة.
5- الشعور بخدر عامة البدن أو في بعض أجزائه.
6- تصبّب العرق من الجبين ومنطقة الظهر.
7- يجد المعيون رغبة في البكاء أحياناً.
8- برودة في الأطراف وحرارة في البطن.
9- زيادة في نبضات القلب.
10- رمش العين.
كيفية خروج العين:
تخرج العين على شكل تثاؤب أو نوم عميق أو عرق أو استفراغ أو خروج هواء من الجوف أو عطاس أو ظهور كدمة تنتقل حتى تصل إلى منفذ من المنافذ البدن أو تخرج تقرحات فيخرج منها قيح وصديد .
كيف يعرف العائن؟
هناك حالات يمكن معها معرفة الشخص العائن وهي:
1- قد يتذكر شخصاً مدحه ولم يذكر الله عز وجل .
2- إحساس بالنفور من بعض الأشخاص دون سبب .
3- نقل الكلام إليك أن فلاناً يمدحك ولم يذكر الله عز وجل .
4- بعد استخدام الرقية الشرعية أو ماء أو زيت مقرئ فيه يرى في المنام رؤيا إما أن تكون رؤيا واضحة صريحة بالأشخاص مع مراعاة أن هذا ليس أمراً يقيناً بل هو غلبة ظن وقرينة تدل على الحق أو الباطل وإما أن تكون الرؤيا غير واضحة مثلاً أن يرى حيات وعقارب وحيوانات متوحشة وهذه تحتاج إلى تعبير مع الحرص في حالة تعبير الرؤيا على المصلحة والمفسدة ومعرفة حالة وطبيعة السائل والرائي.
5- طريقة الاتهام: وهو سؤال المريض قبل الرقية أو في أثنائها ما يخطر ببالك من أشخاص تظن بأنهم سبب في العين وهذا مستنبط من حديث عامر بن ربيعة عندما أصاب سهل ابن حنيف فقال له رسول الله  : «من تتهمون ... الحديث» ويؤخذ هذا الأمر على أنه قرينة لا حقيقة فانتبه يا رعاك الله!! ( )