تسلّط الشيطان على أبدان الأنبياء .. دليل على أن أذاه قد يتعدى الوسوسة !
الحمد لله ..
كثير من الناس يعتقد أن تسلّط الشيطان على أجساد الأنبياء والرسل أمر غير ممكن لعصمتهم من ذلك .. وهذا غير صحيح .. الصحيح العصمة فى التسلط على عقولهم فيما يبلغون من شرع الله .
{ وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } [ الأنبياء 83 ]
ذكر الفخر الرازي الأقوال في سبب إسناد الفعل إلى الشيطان ، فقال : ( للناس في هذا الموضع قولان :
الأول : أن الآلام والأسقام الحاصلة في جسمه - أي أيوب عليه السلام - إنما حصلت بفعل الشيطان .
الثاني : أنها إنما حصلت بفعل الله ، والعذاب المضاف في هذه الآية إلى الشيطان هو عذاب الوسوسة وإلقاء الخواطر الفاسدة )
( التفسير الكبير – 26 / 214 )
قال الشيخ محمد الأمين المختار الشنقيطي : ( وغاية ما دل عليه القرآن : أن الله ابتلى نبيه أيوب - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - وأنه ناداه فاستجاب له وكشف عنه كل ضر ، ووهبه أهله ومثلهم معهم ، وأن أيوب نسب ذلك في سورة ( ص ) إلى الشيطان ، ويمكن أن يكون سلطه الله على جسده وماله وأهله ابتلاء ليظهر صبره الجميل ، وتكون له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة ، ويرجع له كل ما أصيب فيه والعلم عند الله تعالى ، وهذا لا ينافي أن الشيطان لا سلطان له على مثل أيوب ، لأن التسليط على الأهل والمال والجسد من جنس الأسباب التي تنشأ عنها الأعراض البشرية كالمرض ، وذلك يقع للأنبياء ، فإنهم يصيبهم المرض ، وموت الأهل وهلاك المال لأسباب متنوعة ، ولا مانع أن يكون من جملة تلك الأسباب تسليط الشيطان على ذلك للابتلاء ، وقد أوضحنا جواز وقوع الأمراض والتأثيرات البشرية على الأنبياء في سورة طه )
( أضواء البيان - 4 / 744 ، 745 )
والله أعلم