1ـ التخفيف على هذه الأمة والتيسير عليها، فبعض الكلمات، تنطق بالمد، والقصر، وبعضها تجوز فيه الإمالة، ونحو ذلك مما يُسهل على الناس القراءة بما يناسبهم.
2ـ إظهار نهاية البلاغة، وكمال الإعجاز، وغاية الاختصار، وجمال الإيجاز، وبيان ذلك أن كل قراءة بمنزلة الآية، وتنوع اللفظ بكلمة واحدة تقوم مقام عدة آيات، فلو كان كل لفظٍ آية لكان في ذلك تطويلاً وخروجاً عن سَنَن البلاغة العربية ونهجها.
3ـ تعدد القراءات القرآنية كان من الأدلة التي اعتمدها العلماء في بيان صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به، ووجه ذلك أنه على الرغم من تعدد القراءات وكثرتها، لم يتطرق إلى القرآن أي تضاد أو تناقض أو تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضاً، ويؤيد أوله آخره، وآخره أوله، تصديقاً لقوله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا {النساء:82}.
4ـ تعدد القراءات فيه دلالة على إعجاز هذا الكتاب، وأنه من عند رب العالمين، وبيانه أن كل قراءة من القراءات تحمل وجهاً من وجوه الإعجاز ليس في غيرها، وبعبارة أخرى، إن القرآن معجز إذا قُرئ بهذه القراءة مثلاً، ومعجز كذلك إذا قُرئ بقراءة ثانية وثالثة وهكذا، ومن هنا تعددت معجزاته بتعدد قراءاته.
5ـ إعظام أجور هذه الأمة، من جهة أنهم يبذلون أقصى جهدهم في تتبع معاني ألفاظه، واستنباط حِكَمِهِ وأحكامه، فضلاً على ما في تلاوته ـ بقراءاته المختلفة ـ من مزيد الثواب وجزيل الفضل، تحقيقاً وتصديقاً لما أخبر به الصادق المصدوق، بقوله: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
6ـ ظهور سر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز، وصيانة كلامه المنـزَّل، بأوفى بيان وأوضح بلاغ، يرشد لهذا المعنى، أن الله سبحانه لم يُخلِ عصرا من العصور من إمام حجة قائم على نقل كتابه وإيصاله إلى عباده، مع إتقان حروفه ورواياته، وبيان وجوهه وقراءاته، وفي ذلك تصديق لقوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون {الحجر:9}.